أحدثت فرنسا وأوروبا ثورة مُدهشة في عالم صناعة وتركيب العطور في القرن التاسع عشر من خلال مجموعة كبيرة من العطارين ودور العطور شهيرة أخذت على عاتقها تلك الثورة وأسبابها وأسباب استمرارها وتطورها، وقد نَتَج عنها نشأة مجموعة كبيرة من دور عطور جديدة ذاع صيتُها وصيتُ عطورها أيضاً، لأن صناعة العطور آنذاك لم تكن للتجارة فقط، بل كانت فناً بحدّ ذاته وتحدي كبير للذات بالنسبة لتلك العلامات التجارية حول العالم، وقد كان للعطور شكل كلاسيكي يتماشى مع الزمن آنذاك، الآن تقدم الزمنُ والحياة تطورت أيضاً، لكن العطور الكلاسيكية بقيت مُتداولة حتى الآن ولم يخبو بريقها أبداً كتُحفةٍ فنية عصّية على النسيان وتزداد قيمتُها يوماً بعد يوم.
على الرغم من ظهور ثورة عارمة في عالم العطور وظهور جيل جديد من المُصممين ودور العطور حول العالم ممن لا يُؤمنون بالمدرسة الكلاسيكية للعطور وتقاليدها القديمة وتمردوا عليها مُؤسسين لنمط جديد وحديث وعصري، إلا أن ذلك لم يُفقد تلك العطور حضورها وشُهرتها إطلاقاً، فنرى اليوم الملايين من عُشاق العطور لا يزالون يستخدمونها بكثرة، حتى في جيل الشباب نرى أنهم يُحبون تلك العطور الكلاسيكية والقديمة على الرغم من كُل المُغريات حولهم؛
لم تكتسب تلك العطور شُهرتها واستدامة هذه الشُهرة بشكل عبثي على الإطلاق، بل كان ذلك نتيجة لتراكيب عطرية ساحرة وقوية ومدروسة جيداً من قبل مُصممي هذه العطور، عطور صُممت لتحيا إلى الأبد وتُبهر الجميع إلى الأبد وتمنحهم شكلاً استثنائياً من أشكال الفخامة والأناقة؛ ليست مشاعر البشر وأذواقهم وحدها من تصنعُ شُهرة العطور واستدامتها، بل إن بيئة المُجتمعات وشكلها له دور كبير في ذلك، وفي بلاد كالمملكة العربية السعودية لا تزال تلبسُ ثوباً كلاسيكيا وتقليدياً وحافظت عليه حتى الآن ويحكم المُجتمعّ ورؤيتهُ ونمط حياته وحياة سُكانهِ، شكل كلاسيكي قديم يُمسكُ بمفاصل حياة المُجتمع كَكُل، لذلك نرى أن الكثير من الرجال في المملكة العربية السعودية لا يزالون أبناء البيئة في كُل شيء، أزياؤهم، عاداتُهم، أناقتُهم وعطورهم أيضاً وهذا الشكل الكلاسيكي أو التقليدي في الحياة قد ساهم في تشكيل وإعداد ذوق كلاسيكي رفيع لدى الرجال جعلهم يقعون في حُب العطور الكلاسيكية (القديمة) بجميع أشكالها ولا تزال هذه النوستالجيا تتجدد وتُذكرهم بصورة مُعينة عن الزمن الجميل لديهم.
تعالوا نتعرف على أبرز العطور الرجالية القديمة في المملكة العربية السعودية:
1. دركار نوير من غاي لاروش للرجال

يُعد عطر (دركار نوير) واحداً من العطور الأيقونية القديمة لدى لدى العلامة التجارية الفرنسية غاي لاروش، تم إطلاقه عام 1982 على يد مُصمم العطور " بيير وارني"، عطر أروماتك فوجير مُصمَم للاستخدام اليومي في جميع الفصول، يحتوي على تركيبة عطرية مُكثفة واستثنائية للغاية، حيثُ تتكون النوتة العُليا من مزيج من المكونات التي تمنح شعوراً بالانتعاش والحدّة ولمسة عطرية ساحرة، ويتضمن قلب العطر مزيجاً من المكونات التي تمنحُ العطر لمسة من الدفء والنعومة والحلاوة، بينما ترتكز قاعدة العطر على توليفة من عناصر عطرية من الأخشاب والعناصر التُرابية والعنبر تمنحُ العطر ثباتاً طويل الأمد، يحظى هذا العطر بإعجاب وتقدير شديدين من الرجال في المملكة العربية السعودية حتى الآن على الرغم من مرور أكثر من أربعين عاماً على إصداره.
2. أزارو بور اوم للرجال

عطر أزارو بور اوم للرجال هو أحد العطور الفرنسية الكلاسيكية التي حفرت اسمها عميقاً في ذاكرة مُحبي وعُشاق العطور حول العالم، تم إطلاق العطر في عام 1978 على يد اثنين من أشهر مُصممي العطور وهما "جيرارد أنطوني و ريتشارد ويرتز" عطر أروماتك فوجير مُصمم للاستخدام اليومي في جميع الفصول عدا فصل الصيف نسبةً لتركيبته القوية والاندفاعية، يحتوي العطر على تركيبة عطرية مُكثفة ومُتنوعة، تتكون الافتتاحية من اللافندر، الليمون، الكراوية، الريحان، البرغموت، المريمية، السوسن واليانسون النجمي، ويتضمن قلب العطر مزيجاً من الفيتيفر، خشب الصندل، الباتشولي، خشب الأرز، توت العرعر والهيل، بينما ترتكز قاعدة العطر على مزيج من الطحلب، الجلد، العنبر، المسك وحبوب التونكا؛ يُعد أزارو بور اوم عطراً أسطورياً فاخراً لم يخبو نجمه منذ ما يُقاربُ خمسة وأربعين عاماً حتى الآن ويحظى بإعجاب كبير لدى عُشاق العطور في السعودية ودول الخليج العربي.
3. باكو رابان بور اوم رابان للرجال

شكلت العطور الفرنسية ملامح الأناقة والفخامة في عالم العطور في القرن العشرين من خلال علامات تجارية راقية أسهمت في ذلك من خلال عطور فاخرة مشغولة على نوّل الاحتراف والإبداع، وكانت باكو رابان من أوائل العلامات التجارية التي أمسكت ريشتها وبدأت رسم الملامح الخاصة بعطورها على لوحةٍ قررت أنها يجب تحظى بإعجاب كل من يراها، فرسمت عطرها الأيقوني (باكو رابان بور اوم رابان للرجال)، عطر أروماتك فوجير فاخر وأنيق تم إطلاقه عام 1973 ولا يزال مُتداولاً حتى الآن على الرغم أنه من العطور الكلاسيكية القديمة، يحمل العطر توقيع مُصمم العطور المُبدع (جان مارتيل) ويحتوي على تركيبة عطرية ساحرة للغاية، تتكون افتتاحية العطر من إكليل الجبل، المريمية وخشب الورد البرازيلي، يتضمن قلب العطر مزيجاً من اللافندر، الجيرانيوم وحبوب التونكا، بينما ترتكز قاعدة العطر على توليفة من الطحلب، العسل، المسك، العنبر والتبغ؛ العطر مُصمم للاستخدام اليومي في جميع الفصول.
4. إيف سان لوران كوروس أو دو تواليت للرجال

كانت العطور من فئة أروماتك فوجير من التراكيب الكلاسيكية السائدة في القرن التاسع عشر، حيثُ بنى الكثير من العطارين تراكيبهم العطرية بناء على هذه التركيبة الرائعة، وإحدى التُحف الفنية الفرنسية التي لا تزالُ حاضرة إلى الآن هو عطر "كوروس من إيف سان لوران" أحد عطور إيف سان لوران الأيقونية للرجال، عطر أروماتك فوجير ذو تركيبة عالية الجودة والفخامة، تم إطلاقه عام 1981 على يد العطار (بيير بوردون) وهو مُصممٌ للاستخدام في المناسبات الليلية الخاصة، يحتوي العطر على تركيبة عطرية مميزة حيثُ تتكون الافتتاحية من الألدهيدات، الكزبرة، المريمية، أرتيميسيا والبرغموت، ويتضمن قلب العطر مزيجاً راقياً من الباتشولي، القرنفل، الفيتيفر، الجيرانيوم، الياسمين، جذر السوسن، القرفة واللافندر، بينما ترتكز قاعدة العطر على توليفة فاخرة من السيفيت، العسل، الجلد، المسك، الطحلب، العنبر، حبوب التونكا والفانيليا.
5. دافيدوف كول ووتر أو دو تواليت للرجال

يبدو أن المملكة العربية السعودية لا تزال عالقة في نوستالجيا العطور الكلاسيكية الفاخرة، يبدو أن لهذه العطور سرٌ خفّي لا يُدركُ مكنونه إلا عُشاقُها الذين قد بقوا أوفياء لها لعشرات السنوات، أحدُ هذه العطور التي لا تزالُ تحظى بإعجاب وتقدير كبيرين لمدة تزيدُ عن ربع قرن هو عطر "دافيدوف كول ووتر أو دو تواليت للرجال" عطر أروماتك أكواتك أنيق ومنعش للغاية، تم إطلاقه على يد العطار الشهير بيير بودرون عام 1988، مُصمم للاستخدام اليومي لأناقة وانتعاش دائمين، ربما أراد مُصمم العطر أن يأخذ الناس يوميا إلى الطبيعة والبحر في رحلة صيفية ساحرة من الانتعاش والأناقة، يتكون العطر من تركيبة عطرية فاخرة ومتنوعة حيثُ تتكون مُقدمة العطر من ماء البحر، اللافندر، النعناع، النوتات الخضراء، الكالون والكزبرة، ويتضمن قلب العطر مزيجاً من خشب الصندل، النيرولي، الجيرانيوم والياسمين، بينما ترتكز قاعدة العطر على توليفة راقية من المسك، طحلب البلوط، خشب الأرز والعنبر الرمادي؛ يُعد هذا العطر أحد عطور دافيدوف الأيقونية والأسطورية والتي لا تزال مُتداولة بكثرة حتى الآن في المملكة العربية السعودية.
إن مجموعة العطور هذه كالآثار التاريخية، كلما تقدمَ بها الزمن ازدادت قيمة وشُهرة وإبهاراً ولذلك فهي لا تزالُ مَحطَّ إعجاب الكثير من الرجال من عُشاق العطور في المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي والشرق الأوسط.